حب على خارطة الشتاء . جـــ1ـــــ
حب على خارطة الشتاء الجزء الأول .
ذات مساء و أنا أحدق في السماء الملبدة بالغيوم تهادت بعض أوراق الخريف على نافذة غرفتي الصغيرة فاقتربت من تلك النافذة مسروراً بقرب الشتاء القاسي اللطيف , لا أذكر في يوم أنني قد أحببت الشتاء ولكن في كل عام يتجدد الأمل بأنني سأكون سعيداً .
في زاوية الغرفة كأس من الماء الساخن سوف يتحول في بضع ثوان إلى كوبٍ من الشاي الساخن , أمي ما زالت تحضر العشاء لوالدي وأختي الصغيرة الوحيدة ما زالت تقص أوراقها الملونة لتشكل بعض الأشكال الغريبة , أما أنا ما زلت وحدي في غرفتي وحيدا أنتظر انتهاء الشتاء بفارغ الصبر ,أطرقت إلى خيالي الأبيض في تلك اللحظة ذكريات المستنقع أنا و سونه ودعبول أبن خالتي و صغيرنا دعمس.
آه يا مستنقعي الجميل كم كُنتُ و ما زلتُ أحبك, و أنتظر الصيف و الربيع بفارغ الصبر للاستمتاع و اللعب بقربك ,آه كم ضحكنا على ضفافك و كم طاردنا أحلامنا بين خيالاتك , و كم نبض قلبي بحب تلك الفتاه ……………. آه توقف يا دعبل فأنا لم أحب تلك الف…….؟
جاء صوت و هاتف من داخله بلى يا دعبل أحببتها و الشوق بعينيك لا تنكر هذا ؟
أتجه دعبل تلك اللحظة إلى ذلك الكوب المليء بالماء الساخن , و أضاف بعضا من السكر و قليلا من الشاي و بدء بتحريك المزيج ليحصل على أفضل نكهة و أطيب طعم , و لكن دعبل ما لبث إن رأى صوره سونه تنعكس على كوب الشاي الساخن و ترأى له البخار ليشكل وجهها الجميل , فاستسلم دعبل لخياله و نظر عبر النافذة و بدء يتذكر هنالك دفعتني سونه و سقطت في الماء وضحك الجميع فندمت سونه و أخرجتني من الماء بسرعة و قالت : أنا أعتذر يا دعبل فلم أكن أقصد إيذائك .
و هنالك عند شجرة المستنقع الكبيرة ,كاد دعبل في لحظه أن يعترف لسونه بحبه ولكن دعبول جاء مسرعاً ليزف خبر زواج أبن المختار زعتر من بنت الحداد عوسج ،هكذا كان مجتمع دعبل مجتمع الضفادع , في المستنقع الغربي لمدينة القوس الذهبي مجتمعا متحاباً بسيطاً مترابطاً .
لم يكن دعبل سيدا في مجتمعه بل كان بسيطاً طيباً صادقاً , و لكن كان يعاني من إعاقة بسيطة في قدمه إثر حادث وقع له وهو في صغره , الغريب أن هذا العجز لم يثني سونه عن مرافقه دعبل في كل الأماكن , فهما منذ الصغر و منذ بداية فصل الشتاء إلى يوم الخريف الأخير لا يفترقان أبدا وكان دعبول و الصغير دعمس لها بالمرصاد لأي محاولة من سونه و دعبل للاختباء و الإنفراد يبعضهما بعضا أو حتى سرقة حديث جانبي .
عاد دعبل بذكرياته وحنينه إلى المستنقع و اللعب و اللهو و في غمرة انغماسه في أحلامه امتدت يد صغيرة تحمل ماده غريبة لاصقه إلى قدم دعبل وشدتها بقوه تفاجأ دعبل خرج من حلمه وذكرياته فقفز من فراشه ووقع كوب الشاي الفارغ , وتوجه دعبل بالنظر إلى من أمسك قدمه و إذ هي سوسو إخته الصغيرة قد جاءت لتخبره بأن العشاء جاهز ,
فقالت : اشى اشى تح تح بابا .
كانت تقصد العشاء تحت بابا ينتظرك , فأبتسم دعبل كالعادة وتوجه إلى الطابق السفلي حاملا أخته بين ذراعيه مبتسما كرجل مزهو بنصره في معركة .
انتهى الجزء الأول .