سلالة خريف الرسالة الثالثة عشر ” لست مثالياً “

عدد المشاهدات 494

 

نفسي سأتحدث إليك عن كل ما تحاولين الوصول إليه ، كان مقدراً منذ وقت طويل أن أكون محملاً ببعض من هموم و كانت ملابسي تحتوي في جيوبها على أقراص دوائية تسمى الخذلان و كنت أعتمر على رأسي لفافات  الهزائم سوداء و كانت يداي مغلفتان بورق اليأس الفضي و كنت دائما أنتعل حذاء الخوف ذو اللون البني و أحمل حقيبة الهروب الصفراء فلم أكن مثاليا يوماً .

لا أنكر أيتها النفس أن كل الإثارة تتولد حينما تصلني تلك الدعوة من قبل الجميع بالرحيل الى النجوم فيغادر الجميع و أغمض عيناي للرحيل معهم فيلامس الهواء أطراف وجهي فتشرق الدنيا في قلبي و عندما أفتح عيناي أجد أن الجميع قد رحل الى النجوم و أنني ما زلت في وادي اليُتم و ما كان الهواء ذاك سوى ريح فاسدة عابرة في شقوق ذلك الوادي فأعلم أنني لم و لن أكون مثاليا يوماً ما .

قال بعض الفلاسفة في كتبهم” العجز عن إدراك الإدراك إدراك ” و في خضم كواكب الكتب التي أعيش في كنفها ليلاً و نهاراً ، حروف بها تشكل أوراقها ، في كل حرف ألف كلمة و كل كلمة تعانق ألف قصة و كل قصة يموت من أجلها ألف فارس و لكل فارس عشر من الخيل و لكل خيل خمسة جدائل و كل جديلة سبب في ألف ألف معركة و أنظر الى صدري الذي حوى كل هذا فلا أجده بركاناً ثائراً بل حقلاً خاوياً فيه عشب أصفر جاف ضار فأعلم أنني لم و لن أكون مثاليا يوما ما .

أيتها النفس ليس مثالياً أن تكون بحجم المجرة ، و ليس مثالياً أن يعلق أسمك في كل الدروب ، و ليس مثالياً أن ينتشر رسمك في كل العصور أو أن يراقب الجميع ظلك ،المثالية يا نفسي  ” أن أتصرف كما أنا كما كنت و كيف ما أكون ” و أن أدرك أنني قد عجزت عن إدراك ما لم يدركه أحد قبلي ،فقط أريد أن أكون طائراً في سماءٍ لا يتعدى سقفها سقف غرفتي الحزينة .

Bookmark and Share

يمكنك متابعة التعليقات الخاصة بهذه التدوينة من خلال الخلاصات.