سلالة خريف الرسالة الخامسة عشر ” الحمد لله “
الحمد لله الذي خلق للقلوب عيوناً فكشفت بريحها ما سدلته القلوب ، و للعقول قلوباً سترت ما فضحته الجموع و للذاكرة حدوداً فنقعت به النفوس ، و قرب المسافات بضروب الزمن و باعد الأرواح بصروف الحوداث و ألف الضديد بحروف القدر و شتت الرفيق عند زوال النعم ، و أنزل المحبة في رياض العارفين و جمع الشر في صحراء الناقمين .
الحمد لله الذي رزقني الحب كرزق الذاكرين ، و أتم نعمته علي بالشوق كنعم الأولين فلا يدرك المرء بأي طريق يسلك في دربه حائراً بصنوف الرزق و مبغضاً للحاسدين ، فتجمع حروف الحمد في أزقة المقيمين و ينتقل بها الى أروقة الناجين فيمر بها بين نجوى المستغفرين فيسجلها من جلس على اليمين رحمة بإذن رب العالمين .
الحمد لله الذي جعل الحق في كل شيء ، فجعله شريعة في السطور و عليه تستتب أغلب الأمور و بالحق يلوذ الضعيف عن القوي و القوي عن الظالم و الظالم عن نفسه ، و جلاها بالنصرة للمستضعفين و أتمها بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر دافعاً الضرر عن المحرومين و مانعاً الشر عن الصابرين .
الحمد لله الذي خلق الحب بين ثنايا المتعطشين ،و أغرق به صدور المتخوفين و نفع به حتى قريحة الكارهين فحول به أرض الظلام إلى شمس النور فما حجبها كيد الشياطين و لا بغض التافهين ، فكان الحب علامة الحياة و مبعث الأمل عند سائر المخلوقات ، فجعل الحب طبقات تتلوها طبقات و مراتب تدنوها مراتب فجعل لحبه أعلى الرتب و مطلق الاماني و الطُلب.
جمع الله شتات الأمور في بوتقة اليقين ، و أبعد عنا و عن المحبين خائنة اليمين .