سلالة خريف الرسالة الحادية عشر ” رسالة الى الله “
في حضيض جهلي بك و بقدرتك ، كنت منذ الأزل ذلك الأحمق الذي لا يعي واقع الأشياء و لا يؤمن بمفرداتها الأحادية الصعبة ، فكانت الخطايا هي نسيج ثوبي و كانت الدنيا أساس همي و كانت المتعة مبلغ علمي و غايتي ، و كنت أترنح بين عقيق أحمر و بذخ من دون مال ذو لون أصفر و لم أكن أؤمن وقتها إلا بالصدف و كان الشك رفيقي في كل هدف .
لم أعلم أن الأمور مقدرة و أن الحروف المكتوبة مرتبة و ليست مبعثرة ، و أن الأبيض قد يكون مصدر الحزن عند منتهى حكمتك و قد يكون الأسود لون الفرح عند ظلال رأفتك و لم يجمع العقل على قدرته حججاً في معصيتك ، و لم ترتبط تلك القدم بدروب مغفرتك و لم تبصر تلك العيون غيوم رحمتك و لم يشعر ذلك الجلد بنسائم محبتك .
قيل لي أن التمتع بالنظر لما خلق الله هي أرفع العبادات فأنطلق الترقب القابع في صدري بكل لهفة الى السماء المظلمة و الى تلك النجوم المتلألئة ففاضت الدموع من منبع الحب و الشوق و أبصر بصري في تلك اللحظات عظيم صنعك و حسن بديعك و أستشعر الفؤاد بعضا من حلمك و كرمك فتغيرت دفة المركب و وجهتها الى بحر عطفك و قطعت خيوط النور قوعقة الشرك بك فأنكشف سر الحياة .
و مضت الأيام و ما زال في القلب مزيج من حسرة و فرح مما مضى ، و في العقل خوف و تفاؤل بما هو قادم من الأيام لعلمها بأنك العادل الحسيب الرقيب و ليقينها بأنك الرحمن الرحيم .
سأمضي قريبا مرغما عن هذه الدنيا مودعا من أحب من دون كلمات ، خاضعا ذليلاً طالباً رحمتك مثقلاً بما أحمل على عاتقي و معترفا بذنبي لك ، و ستلتقي تلك الروح مع أخواتها تحت عرشك لا تحمل سوى ذرتين مقابل جبل الذنوب و الخطايا ذرة مغفرتك و ذرة حبك و عسى أن تكون حروف هذه الرسالة مكوناً لذرة حبك و طامعة بمزيد من مغفرتك فأغفر لي و لوالدي و لمن أحب .
عامر مطارنه
13 أبريل, 2018
سرد رائع وممتع