يحكى أن ..1

عدد المشاهدات 573

يحكى أن رجلا فقيراً كان يعيش هو و زوجته على ضفة نهر في كوخ صغير لا يحتوى سوى على غرفة واحدة من دون نوافذ و لها باب واحد .

كان الرجل يعمل في مدينة قريبة يخرج أطراف الصباح و يرجع في باطن الليل ، لم يرزقا بطفل و كانت زوجته ذات صبر يعانق السماء فلم تسأله يوماً أن يضع لها السعادة في قدر أو إناء ، أو حتى أن يجر لها خيطا من كبد السماء و لم تجبره يوما على صف الحروف أو نقر الدفوف و لا حتى رسم النجوم ، كانت كلماتها في الحضور  بضع و حركاتها عند غيابه تسع .

 

و في يوم عاد الرجل في جوف الليل و يحمل في كلتا يديه كيساً من ريش فوضعه عند الموقد و غاب في النوم كما الغريق ، و لم يشاطر الفضول  قلب المرأة في شيء فلم تسأله أبداً عن شيء فما وزن كيس من الريش في بحر الصمت ، و بقي الرجل على هذا الحال شهراً يجلب معه كل ليلة كيسا ًمن الريش و يجمعه مع باقي الأكياس .

و في ليلة ذات نجوم نامت الزوجة على تمتمات الرجل في الليل ، و عندما أستيقظت لم تجد لأكوام الريش أي أثر ، فتحرك في قلبها شيء و بدأ جدار عقلها يتشقق .

و في الليلة التالية عاد الرجل يحمل كيساً من الرمل و على غرار الريش بقي الرجل شهراً يعود بكيس كل يوم  و يضيفه لما هو مكنوز عنده و في ليلة القمر المكتمل  نامت الزوجة على تمتمات زوجها و أستيقظت و لم تجد للرمل أي أثر ، و عاد الشك و الفضول يصدعان في جدار عقلها و لكن ليس الحال كما السابق .

و في فترة تليها عاد الرجل و هو يحمل كيسا من الحصى ، و بقي الحال كما سابقه و أستيقظت المرأة في يوم و لم تجد للحصى أي أثر فشقت عليها سطوة التساؤل و أنهار جدار الخضوع و أصرت في نجوى نفسها الخلاص .

و أستقر الحال لفترة طويلة ، حتى كاد الجدار أن يرأب  صدع نفسه و على حين صفاء عاد الرجل في ليلة يحمل قطعا من حديد و سلاسل ، و بقي الحال شهراً و في ليلة ظلماء كانت هي الليلة التي تنتظرها الزوجة فلم تنم و أظهرت الغياب ، و راقبته بعيون نصف مغلقة و شاهدت رجلها الذي تحب يحمل تلك الأثقال دفعة تتلوها دفعة و عند نهاية ما بقي تبعته فوجدته جالسا تحت الشجرة  الكبيرة بجانب النهر ينظر الى السماء فيتحول ما ينقله الى ماء يغذي النهر ، فهرعت الى بيتها خوفاً و غطت في سبات عميق و في اليوم التالي و عند حلول الظلام لم يعد الرجل و من ذلك الحين و إلى يومنا هذا ما زالت الزوجة تنتظر  .

Bookmark and Share
  • تداخلاتٍ عديدة ،، وتساؤلاتٍ وحفنة فضول ،، انتابت مخيلتنآ في تصوير أحداث الحكآية ،،
    استوقفتني حركاتهآ التسع ،، عند الغياب ،،
    وتسلسل الأشياء من ريش ،، وصولاً لقطع الحديد ،،
    وأيضآ نظرته المبهمة الى السماء ذات الليلة التي كُشف فيهآ سرٌ مازال مبهماً بعض الشيء ،،

    أنتظر الجزء 2 .. علّي أجد غيمة ماطرة تهطل على
    أرض التساؤل ذاك ،، فتنمو الإجابة ،،

    أشكرك أيها الراوي ،، دمت بخير

يمكنك متابعة التعليقات الخاصة بهذه التدوينة من خلال الخلاصات.