يحكى أن … ” الغابة “

عدد المشاهدات 603

يحكى أن غابة في عصر قديم كان يقسمها نهر الى نصفين حاكمها أسد منيع و قاضيها نسر أشم و وزيرها فهد حكيم ، و كانت الحيوانات تعيش برخاء فما علا بها الأرذلون ، و ما ضحك عليها الشامتون ، و كانت الفيلة و الطيور بمرتبة المقربين لما للفيلة من زهد و لما للطيور من عفة ، و كانت الثعالب و الضباع و الدببة في مرتبة الأرذليين لما للثعالب من مكر و ما للضباع من غدر و ما للدببة من  طمع فكانت مجمل الأمور في توازن تام يحافظ عليه كل من الأسد و النسر و الفهد بدقة و عناية لا يضرهم طمع و لا يغيرهم أي غاية .

و مضت تلك السنين حتى جاء للغابة فأر قارض من المدينة ، فبحث عن عرين الملك و مجلس الحكم فأستقر بيتاه تحتهما و كان يحضر المجالس و الإجتماعات خلسة فنقل لأفراد المجلس بكل خبث مرض الطاعون فمات الأسد و الفهد في يوم واحد و لحق بهما النسر بعد أسبوع ، و أستيقظت الغابة دون مجلس حكم فإضطربت البلاد و عم الظلم أرجاء المدينة و ساد الخوف و الموت في كل زاوية .

 

و بعدها بحين تحرك فأر المدينة الى الضفة الغربية بعد أن عمت الفوضى و توجه الى سيد الضباع و طلب مقابلته فأذن له فقال لملك الضباع : سيدي أنت أحق أهل الغابة بميراث الملك الأسد لما لك من شبه كبير معه بالعدل و الحكمه ، فصمت سيد الضباع مفكراٌ و بعد برهه صرخ في أتباعه : أنا ملك الغابة ، فصفق له الجميع و فرح له التابعون و خاف منهم الضعفاء .

و على حينها غادر الفأر متوجها الى الضفة الشرقية و طلب مقابلة الدب الكبير فأذن له و على  الفور قال : أيها الدب الكبير سيد القوم قد تبادر الى مسمعي طمع الضبع في ملك الأسد و ما رأيت أحق منك به فأنت أشدنا نظراً و أنت أهل للحكم أبايعك حال ما قبلت أن شئت ، فصرخ الدب بأتباعه كما الضبع : أنا ملك الغابة ، فصفق له الجميع و فرح له التابعون و خاف منه الضعفاء .

و أنقسمت الغابة الى قسمين أما الضفة الغربية فعين الضبع الأفعى وزيراً مع علمه بعدم قدرتها على السماع ، و عين الهدهد قاضيا رغم معرفة الضبع بقلة و فاء الهدهد ، و أصطف معه الأرنب خوفا ، و الزرافة طمعاً و البغل هلعاً و زج بالفيل الزاهد في السجن ، أما الدب فعين النمس وزيراً رغم ضرره الفاحش و الذئب قاضيا رغم غدره الجائر و أصطف الحمار معه جهلاً و التمساح جشعاً و النعامة فزعاً و قتل معظم طيور الضفة الشرقية .

و مضت فترة الظلم و السواد ببطء شديد فكان الظلم في الضفة الغربية يأخذ لونه الوردي و على الضفة الشرقية يأخذ الظلم اللون الأسود النقي فما كانت نار الغرب بأقل سُعرٍ من نار الشرق و لم تكتمل الفترة حتى أشار الفأر اللعين على الضبع بأن يقوم كل ليلة هو و من معه بقطع أشجار الضفة المقابلة ليدفع الحيوانات في ممكلة الدب الى اللجوء إليه فيصير الحكم المطلق له و كان له ما أراد و أشار على الدب كما أشار على الضبع و بدأت حيوانات كلتا الضفتين بقطع أشجار الضفة المقابلة و بقي الحال عدة شهور فتجردت الغابة من شجرها و غابت ثمارها و ماتت حيواناتها نزاعاً على الماء و الطعام و لم يبقى سوى الملك الفأر و القاضيان الذئب و الهدهد .

Bookmark and Share

يمكنك متابعة التعليقات الخاصة بهذه التدوينة من خلال الخلاصات.