حب على خارطة الشتاء . جـــ 2ـــــ

عدد المشاهدات 692

جلس دعبل على مائدة العشاء , أبتسم كالعادة ولكن شعرت والدته و والده بأنها ليست كما كانت سابقا , الجميع يعلم بأنها ابتسامة صفراء بل أنها ابتسامة شتاء , لم يرى الجميع في المستنقع منذ الشتاء الماضي أي طعم للسعادة , وخاصة دعبل المسكين , بعد لحظات تذكر دعبل أنه على مائدة العشاء ونظر نظرة خاطفه إلى سوسو مطلقا ابتسامة صفراء أخرى تحمل الكثير من الحزن وتحمل معان كثيرة , تناول صحن الحساء الساخن امتدت يده إلى السكين وبدء بوضعها في صحن الحساء دون أدنى انتباه , عندها أطلقت سوسو ضحكة مجلجلة في الغرفة , و أبتسم الوالدين على أثر ضحكة الصغيرة سوسو , أبتسم دعبل و سرعان ما لمع خده , أنها دموعه منسابة على وجنتيه , عم الصمت برهة , و تناول دعبل المنديل عن الطاولة و أتجه إلى غرفته مسرعاً . 
 
قال الأب – بغضب شديد – : إلى متى يعيش دعبل حزن الشتاء ؟ قد انتهت مصيبة الشتاء الماضي لا ي-: هذا الأمر !!!
قالت الأم – بصوت مشفق و حزين جدا – : أرجوك أنه أبننا الوحيد .
قال الأب: يجب أن يخرج من مدينة الأحزان التي يقطنها منذ الشتاء الماضي مر عام كامل.
قالت الأم : أتمنى ذلك .- قالتها بنظرات حزينة متجهة صوب غرفة دعبل وقد ذرفت دمعة حزن و حرقة -.
قال الأب : لا بد أنه الحل الأمثل ؟ . قالها بكل حزم و إصرار .
نهضت الأم عن كرسي العشاء فجأة و بسرعة خاطفه وضعت يديها بيد زوجها و قالت: كيف ؟!
قال الأب : سأبحث لدعبل عن عمل خارج هذا المستنقع اللعين لعل و عسى أن ينسى ما قد حدث .
قالت الأم : أتمنى ذلك . قالتها بكل لهفة و حرقه على دعبل .
و سوسو الصغيرة لا تدرك أي شيء من الذي يحدث سوى أنها همت بتناول الطعام .
عاد دعبل إلى سريره و الدموع بعينيه وعاد إلى النافذة و نظر إلى المستنقع وأطلق زفرات و أنينا ما لبث أن يطرح السؤال الدائم : كيف حالك يا سونه أأنت بخير ؟ !
 
في الشتاء الماضي كانت سونه و دعبل يتقربان من بعضهما البعض , لدرجة الاندماج الروحي الكامل , فكل منهما يعرف سر الأخر ويعرف ما يحب و ما يكره , في الشتاء الماضي اضطرت عائله دعبل إلى الرحيل عن المستنقع لزيارة العمة في مستنقع المنطقة الجنوبية المسمى مستنقع الأيام المشرقة , لان العمة كانت تعاني من حاله صحية سيئة , فخرجت العائلة بأكملها الأم و الأب و دعبل – لم تكن سوسو آنذاك قد خرجت للحياة – بناءا على رغبه العمة نفسها بمشاهده الجميع قبل رحيلها حيث أنها كانت كبيرة بالعمر .
 
عاد دعبل إلى المستنقع بعد ثلاثة أسابيع كانت طويلة -بالنسبة له – و هو يحمل بين طياته كل الشوق و الحب لسونه , سمع أخبار غريبة عن هجوم من قبل بعض العقارب السوداء على المستنقع , و قد قامت بمهاجمة الناحية الغربية , فوجدوا دعبول و دعمس و سونه في تلك الناحية , فهم دعبول بالفرار كالعادة – فهو يحسن فن الهروب بكافة أشكاله – أما دعمس الصغير و سونه فقد وقعا فريسة سهله لعصابة العقارب السوداء , وقد أصيب دعمس بخمس لسعات سامه , و سونه لم تكن بحال أفضل بل كان نصيبها سبع لسعات سامه وعندما وصل دعبل إلى المستنقع كانت سونه ترقد على سرير العلاج .
 
وقف دعبل أمام بيت سونه خمسة أيام دون حراك تحت المطر , في مواجهة الريح , واقفا لا يبالي عيونه معلقه بتلك النافذة ألجميله التي كانت بالنسبة له شرفة  قمر يطل منها قمر قلبه , الذي كان يأسره دائما بنظرة واحده , الأمل ما أجمل هذه الكلمة و كم كان دعبل متمسك بها طيلة الأيام الخمسة التي بقي فيها تحت نافذة أميرته سونه ملكة قلبه الصغير , كان دعبول يمر على دعبل يمده بالطعام و الماء و يجلب له أوراق الشجر الصفراء الذهبية ليحمي صديقه و رفيق دربه من المطر و الهواء , فجأة سمع دعبل خبر أن دعمس قد شفي تماما و أنه بحاله ممتازة , كبر الحلم و لمعت أعين دعبل و قد فاق الأمل حجم المجرة الكونية بل تعداه إلى السماء التي تسبق الجنة , أملا بأن تقوم سونه من حالتها الصعبة .
 
 
في اليوم الخامس و عندما حل المساء أطفئ نور الغرفة , على غير العادة تعلقت عيون دعبل بكل حركة و همسه في بيت سونه , نعم يا دعبل قد حل الظلام في غرفة سونه مبددا كل شيء جميل , دعبل ما زال الأمل قائما في قلبك أعلم ذلك و لكنه القدر , سونه قد رحلت إلى الأبد , بدأت دموع دعبل تنهار قبل أن يعي ما يحدث , أمله الذي قد طاول الجنة في سماءها السابعة ها هو يتقلص ليصبح بحجم حبة خردل صغيره , بدء الصراخ في بيت سونه و البكاء يملئ المكان , يملئ كل الكون بيت سونه و عيون دعيل و قلبه و أمله الذي مات مع تلك الدموع , نعم سونه قد فارقت الحياة تلك هي الحقيقة .

Bookmark and Share

يمكنك متابعة التعليقات الخاصة بهذه التدوينة من خلال الخلاصات.